تشهد العلاقات المغربية الخليجية تطورات متسارعة في ظل تحولات إقليمية عميقة، حيث يجمع بين الطرفين تحالف استراتيجي يتجاوز الأزمات المتكررة والتحديات الإقليمية.
يبرز المغرب كشريك محوري لدول الخليج، متبنياً سياسة متوازنة تجمع بين المصالح الاقتصادية والثوابت الدبلوماسية. فمنذ عام 2011، اختار المغرب مساراً مستقلاً في التعامل مع التحولات الإقليمية، محافظاً على علاقاته مع جميع الأطراف الخليجية.
وتتجلى أهمية العلاقات المغربية الخليجية في حجم الاستثمارات المتبادلة، حيث تحتل الإمارات المرتبة الأولى كأكبر مستثمر عربي في المغرب. وقد توج هذا التعاون في ديسمبر 2023 بتوقيع حزمة من الاتفاقيات الاستراتيجية بين الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد.
العلاقة مع السعودية تتسم بالعمق الاستراتيجي رغم بعض فترات التوتر. فالرياض تعد داعماً رئيسياً للمغرب في قضية الصحراء، وقدمت دعماً مالياً كبيراً للمشاريع التنموية المغربية، منها 230 مليون دولار لتطوير سهل سايس وتحديث المستشفيات العمومية.
أما قطر، فقد برزت كشريك موثوق خلال الأزمات، ملتزمة بوعودها المالية للمغرب. وحين فرض الحصار على الدوحة عام 2017، اختار المغرب موقفاً محايداً، مؤكداً استقلالية قراره السياسي.
التطبيع مع إسرائيل شكل منعطفاً جديداً في العلاقات المغربية الخليجية. فالمغرب حرص على تمييز مقاربته عن "اتفاقيات أبراهام"، مؤكداً التزامه بالقضية الفلسطينية. لكن أحداث غزة الأخيرة أثرت على المشهد، حيث تراجع التأييد الشعبي للتطبيع من 31% إلى 13%.
يرى محللون أن المغرب يمثل بوابة استراتيجية لدول الخليج نحو إفريقيا، مستفيداً من شبكة علاقاته المصرفية والاقتصادية في القارة. وتدرك دول الخليج أهمية هذا الدور المغربي في توسيع نفوذها الاقتصادي.
ومع تصاعد التوترات الإقليمية، يواصل المغرب سياسته المتوازنة، محافظاً على استقلالية قراره مع الحفاظ على علاقات استراتيجية مع دول الخليج. هذا التوازن الدقيق يعكس عمق الدبلوماسية المغربية وقدرتها على التكيف مع المتغيرات الإقليمية.