المغرب: عاصفة اقتصادية تلوح في الأفق جراء توترات الشرق الأوسط ؟

أضيف بتاريخ 06/20/2025
عبر مجلة تيل كيل المغربية

في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الدولية تصاعداً في التوتر بين إيران وإسرائيل، يظل المغرب، رغم بعده الجغرافي عن بؤرة الصراع، عرضة لخطر صدمة اقتصادية قد تكون تداعياتها عميقة وطويلة الأمد. فإذا كان المغرب لا يتقاسم حدوداً مع أطراف هذه الأزمة، فإن اعتماده على الأسواق العالمية، لا سيما في مجال الطاقة، يجعله عرضة بشكل خاص لأي تصعيد في المنطقة. كما تؤكد تقارير حديثة لمجلة "تيلكيل"، فإن "أي اضطراب في مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي 20% من النفط العالمي، قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار البرميل وزيادة تكلفة الواردات بملايين الدراهم على ميزانية الدولة". هذا الوضع يسلط الضوء على هشاشة اقتصاد يعتمد بنسبة تفوق 90% على استيراد حاجياته من النفط والغاز.



ارتفاع سعر البرميل ليس مجرد رقم في الحسابات بالنسبة للمستهلك المغربي. بل يترجم مباشرة إلى ارتفاع في أسعار المحروقات، وتكاليف النقل، والزراعة، وفي النهاية، في سلة المعيشة اليومية. ويخشى الخبراء أن يتجاوز معدل التضخم، الذي كان مرتفعاً بالفعل في 2024، حاجز 6% في حال تفاقمت الأزمة، مما يزيد من تآكل القدرة الشرائية والتوترات الاجتماعية. السلطات العمومية، التي تضطر بالفعل إلى زيادة الدعم لتخفيف الصدمة، تجد نفسها أمام هامش مالي أضيق.

وراء الطاقة، أزمة الشرق الأوسط أيضاً التبادل التجاري للمغرب. فالصناعة والبناء والأشغال العمومية، فضلاً عن صادرات السيارات والفوسفاط والنسيج، تعتمد على سلاسل التوريد العالمية التي تظل بدورها مرهونة بنفط الخليج. أي اضطراب لوجيستي أو ارتفاع في تكاليف النقل يمكن أن يبطئ النمو الاقتصادي، ويقلص من تنافسية الشركات المغربية، ويثقل كاهل الميزان التجاري. كما أن تشديد العقوبات على إيران قد يعقد المعاملات المالية ويحد من الاستثمارات الأجنبية، وهي ضرورية للتنمية الاقتصادية في المغرب.

الضغط على الدرهم واحتياطيات العملة الصعبة يشكل نقطة مراقبة أخرى. فالاستيراد الكبير للنفط بالدولار يعرض العملة الوطنية لخطر الانخفاض والتضخم المستورد. وإذا طالت الأزمة، قد يضطر المغرب إلى استنزاف احتياطياته أو اللجوء إلى خطوط الائتمان الدولية، مع تسريع وتيرة التحول الطاقي للحد من التبعية. ويحذر الخبراء، على غرار مارتن أرمسترونغ، من الطبيعة النظامية للخطر: "ليست مجرد أزمة، بل دورة طويلة، وعدوى عالمية."

قطاع السياحة، ركيزة الاقتصاد المغربي، ليس بمنأى عن الخطر. فارتفاع سعر الكيروسين قد يزيد من سعر تذاكر الطيران ويقلص من عدد السياح الأوروبيين، الذين يشكلون أساس القطاع. وبالتوازي، قد تؤدي عدم الاستقرار الجيوسياسي إلى تقليص الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الطاقة والعقار والصناعة، بينما يحتاج المغرب إلى جذب رؤوس الأموال لتمويل تحوله الطاقي.

في مواجهة هذه المخاطر، أطلق المغرب عدة مشاريع لتعزيز قدرته على الصمود. فالتسريع في التحول الطاقي، مع هدف الوصول إلى 50% من الطاقات المتجددة بحلول 2030، وتنويع الموردين، ومشاريع كبرى مثل خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب، وتعزيز الاحتياطيات الاستراتيجية والعملة الصعبة، كلها خطوات تعكس إرادة السلطات للحد من هشاشة الاقتصاد. ولكن على المدى القصير، يظل المغرب عرضة للصدمات الخارجية، وقد تضعف أزمات الخليج الممتدة من قدرته على المناورة الاقتصادية.

تصاعد التوترات في الشرق الأوسط ليس بلا تأثير على المغرب. فارتفاع أسعار الطاقة، وتزايد التضخم، والضغط على الدرهم، وضعف التبادل التجاري والسياحة، كلها تحديات يواجهها بلد يجب عليه أن يستبق الأزمات، ويوسع مصادر تمويله، ويسرع تحوله الطاقي للحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق. وكما يؤكد تحليل "تيلكيل"، فإن اليقظة ضرورية، لأن "أي اضطراب في مضيق هرمز قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار البرميل وزيادة تكلفة الواردات بملايين الدراهم على ميزانية الدولة".