بين عمالقة البناء، من سيتصدر مشهد البنية التحتية في المغرب قبل كأس العالم؟

أضيف بتاريخ 06/20/2025
عبر جون أفريك


يشهد قطاع البناء والأشغال العمومية في المغرب نهضة غير مسبوقة مع اقتراب تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم سنة 2030، التي سيستضيفها المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال. في خضم هذه الدينامية، تبرز قوتان رائدتان في السوق هما الشركة العامة المغربية للطرق والبناء (SGTM) وشركة التضامن-البناء (TGCC)، حيث يتنافسان للسيطرة على أهم المشاريع الكبرى في البلاد.



تشير التقديرات إلى أن نمو القطاع بلغ نسبة 3.9% خلال العام 2025، مع توقعات بمعدل سنوي مماثل حتى سنة 2029. وذلك بفضل ضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية، خاصة في قطاعي النقل والتجهيز اللذين خصص لهما ميزانية تقارب 90 مليار درهم خلال العام الحالي، حسب بيانات وزارة التجهيز والنقل المغربية. كما سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة قفزة بنسبة 50.7% في سنة 2024، لتصل إلى 16.2 مليار درهم في تسعة أشهر فقط. وذلك مدعومة بتمويلات دولية بارزة كتلك التي تقدمها البنك الأفريقي للتنمية.

وفي هذا الإطار، تتسابق كل من SGTM وTGCC على تنفيذ المشاريع الضخمة مثل بناء الملاعب الجديدة، وتطوير شبكات النقل، وبناء المناطق الصناعية والمرافق الحضرية. ويمتلك كل منهما سجلاً حافلاً من الإنجازات، حيث شاركت SGTM في مشاريع محورية مثل خط السكك الحديدية فائق السرعة، وميناء الداخلة، ومركز البيانات التابع للمجمع الشريف للفوسفاط، بينما أبدعت TGCC في بناء مستشفى ابن سينا الجامعي، ومطار محمد الخامس، والمسرح الكبير للدار البيضاء، والجامعة محمد السادس للفنون التطبيقية.

من أبرز مشاهد التعاون بين الجبارين، مشاركتهما المشتركة في بناء الملعب الكبير الحسن الثاني ببن سليمان. هذا المشروع الضخم بقيمة 3.4 مليار درهم، يعكس قدرتهما على توحيد جهودهما لتلبية متطلبات المشاريع الكبرى المرتبطة بكأس العالم. كما يذكر موقع "إيكونومي إكسبريس" المغربي في تقاريره المتخصصة عن القطاع. لكن هذا التعاون لا يمنع استمرار المنافسة بينهما في باقي قطاعات السوق.

في الوقت الذي تسعى فيه SGTM لتعزيز وجودها عبر شركة "SGTM Africa"، من خلال مشاريع في ساحل العاج والكاميرون، تتصدر المشهد عبر استراتيجية توسعية. حيث تضاعفت استثماراتها خلال الربع الأول من 2025 بنسبة 113% مقارنة بالعام السابق، كما بلغت حافظة طلبياتها 10.4 مليار درهم، ما يعكس قدرتها على استقطاب عقود جديدة، سواء من القطاع العام أو الخاص. كما عززت TGCC مكانتها عبر الاستحواذ على 60% من رأسمال شركة STAM المتخصصة في بناء السدود، ما يمنحها فرصاً جديدة في المغرب وأفريقيا جنوب الصحراء.

في هذا السياق، يقول المحللون إن "TGCC باتت قريبة من انتزاع زعامة القطاع من SGTM بعد شرائها حصة الأغلبية في STAM، وهي إحدى كبريات شركات البناء بالمغرب، ما سيدعم توسعها في المغرب وأفريقيا جنوب الصحراء"، وفق تقرير نشرته وكالة "إيكونومي إكسبريس" في مايو 2025. ورغم ذلك، تظل SGTM لاعباً أساسياً في المشهد، بفضل خبرتها وسمعتها المتميزة.

في ظل هذه المنافسة، يواجه القطاع تحديات مثل ضغوط الأسعار، ونقص بعض المواد، وصعوبة الالتزام بمواعيد التسليم في ظل الحجم الهائل للمشاريع المرتبطة بكأس العالم. ورغم ذلك، يبدو أن TGCC قد خطت خطوة كبيرة نحو الصدارة، بفضل نموها السريع وتنوعها الاستراتيجي، لكن دون أن تستطيع إزاحة SGTM من المشهد، إذ لا تزال هذه الأخيرة تحظى بثقة العملاء وقدرتها على إنجاز المشاريع الكبرى في الوقت المحدد.