يراهن المغرب على كرة القدم كلغة مشتركة تعزز التأثير الخارجي وتدعم التماسك الاجتماعي داخليًا. يرى المؤرخ بيير فيرمرن أن الكرة صارت محورًا جامعًا يخاطب الجمهور المحلي والعالمي معًا، ويوظَّف بوصفه محركًا للانتماء الوطني بصورة سلمية تعزّز صورة البلد وتمنح قصته زخمًا جديدًا.
تواكب هذه المقاربة استثمارات ملموسة: إنشاء ملاعب كبرى، بينها الملعب الضخم في الرباط بمعايير دولية، ومشاريع تتطلّب تنسيقًا بين مؤسسات الدولة وكبرى الشركات. بهذا الإطار يجد الحس الوطني متنفسًا توافقيًا، فيما ترفع النتائج الرياضية منسوب الالتفاف الشعبي حول المنتخب.
داخليًا، يتقدّم هدف ترسيخ قاعدة كرة قدم تنافسية عبر بنية مثل أكاديمية محمد السادس، وبناء منتخب قوي يدعمُه استقطاب لاعبي المهجر ضمن رؤية واضحة، إلى جانب تنشيط الدوري المحلي كي يستوعب تطلعات الشباب. يشترط ذلك قدرًا عاليًا من الانضباط والتنظيم والرعاية من الأندية والمدارس وبعض المؤسّسات النظامية.
خارجيًا، يندرج المسار الرياضي ضمن حركة أوسع: عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في 2017، وتوسع مصارفه في غرب ووسط إفريقيا، رغم محدودية بعض التكاملات الصناعية وضغط المنافسة الصينية. وفي ما يتصل بقضية الصحراء، يذهب فيرمرن إلى أن قرار مجلس الأمن أواخر نوفمبر منح الرباط أفضلية نسبية.
استضافة البطولات الكبرى تُستخدم أيضًا كعرض لقدرات التنظيم: نقل فعّال، إقامة وغذاء، وأمن مصحوب بأجواء احتفاء. الهدف إظهار بلد قادر على إدارة أحداث كان يُعتقد طويلًا أنها تتجاوز إمكاناته، بما يعكس مستوى تنمويًا متقدمًا ويعزّز الثقة المؤسسية.
على أن هذا الرهان لا يحلّ المعضلات الاجتماعية وحده. فالرياضة لن تختزل الفوارق، لكنها تخلق وظائف وفرصًا وتضبط قطاعات مرتبطة بها. وتظل المقولة المنسوبة إلى الملك محمد السادس عام 2022 — اعتبار كرة القدم رافعة للنجاح والتنمية البشرية المستدامة — إطارًا مُلهِمًا، فيما تبقى الحاجات الكبرى للشباب في الصحة والعمل والسياسات الاجتماعية أوسع من أن تُعالج برياضة وحدها.


