في حواره الإذاعي مع برنامج «اعوِزْ-نوس» (Avouez-nous) على *فرانس كولتور*، تطرّق الكاتب والمستشار الفرنسي "آلان منك" إلى المغرب في سياق تحليله لطبيعة الاستعمار البريطاني والفرنسي، مبرزاً ما اعتبره «الاستثناء المغربي» في التاريخ الكولونيالي الفرنسي.
"آلان منك" هو مفكر واقتصادي فرنسي من مواليد عام 1949، اشتهر بدوره كمستشار سياسي واقتصادي لدى رؤساء وشخصيات كبرى في فرنسا، من فرنسوا ميتران إلى نيكولا ساركوزي. إلى جانب عمله كمستشار ومحلل اقتصادي، ألّف عدداً من الكتب الفكرية والسياسية التي تتناول قضايا أوروبا، العولمة، والنزعات الثقافية في المجتمعات الغربية، ما جعله من أبرز الأصوات المثيرة للجدل في المشهد الفكري الفرنسي المعاصر.
انطلق "منك" في حديثه من مقارنة بين إرث الإمبراطورية البريطانية ونظيرتها الفرنسية، ملاحظاً أن بريطانيا، رغم حجمها الجغرافي المحدود، استطاعت أن تبسط هيمنتها على ربع سكان العالم بفضل ما وصفه بـ«ذكاء سياسي وإداري استثنائي». وبرأيه، فإن هذا «الذكاء البريطاني» تجلّى في أسلوبها في إدارة المستعمرات، حيث كانت تحافظ على البنية المحلية وتحقق نوعاً من الاستمرارية السياسية والثقافية.
وفي هذا الإطار، شبّه "منك" الحالة المغربية بنموذج بريطاني داخل التجربة الاستعمارية الفرنسية، مشيراً إلى أن فرنسا «لم تمارس استعماراً حقيقياً على النمط البريطاني سوى في المغرب». فحسب رأيه، كان المقيم العام ليوطي يمارس شكلاً من الاستعمار يقترب من النموذج البريطاني في احترام النخب التقليدية والحفاظ على المؤسسات المحلية، خلافاً لما حدث في الجزائر أو إفريقيا جنوب الصحراء. وهذا ما يفسر، وفق تحليله، نجاح التجربة المغربية بعد الاستقلال واستمرار علاقتها المتوازنة مع فرنسا.
اختياره للحديث عن لندن في ختام المقابلة لم يكن اعتباطياً، إذ عبّر عن إعجابه العميق بالديمقراطية البريطانية، معتبراً المملكة المتحدة «خلاصة التجربة الديمقراطية الحيّة»، ومشيراً إلى أن العقل السياسي البريطاني ظل أكثر نضجاً واستدامة من نظيره الفرنسي، الذي بقي أسير العاطفة والتجاذبات الفكرية.
بالنسبة إليه، فإن «الاستثناء المغربي» يعكس نمط العلاقة التي كان يمكن لفرنسا أن تنسجها مع مستعمراتها لو تبنّت سياسة استعمارية أكثر ذكاءً وبراغماتية. فالمغرب، بتاريخه المؤسساتي وحفاظه على استقراره السياسي وهويته الثقافية، يمثل في نظر منك قصّة نجاح نادرة في إرث الكولونيالية الفرنسية.


