شهد المغرب تحولاً استراتيجياً في مسار تطوير الصناعات العسكرية مع تدشين أول مصنع لإنتاج العربات المدرعة، وهي خطوة تعتبرها السلطات تتويجاً لرؤية ملكية تهدف إلى تعزيز السيادة الدفاعية للمملكة. يبرز المحلل في الاستراتيجيات الدولية والدفاع، نزار دردابي، أن تاريخ 23 سبتمبر سيظل محطة بارزة، إذ تم افتتاح مصنع "تاتا سيستم أدفانسد" التابع للعملاق الهندي تاتا، حيث ستُنتج للمرة الأولى عربات عسكرية مدرعة محلياً بمواصفات مُصممة خصيصاً للقوات المسلحة الملكية المغربية
وأشار دردابي إلى أن هذا الإنجاز يمثل بداية لانتقال المغرب من الاعتماد شبه الكلي على واردات الأسلحة والمعدات نحو بناء قاعدة إنتاجية وطنية، مع التركيز على نقل التكنولوجيا وتدريب الكفاءات المحلية من مهندسين وفنيين بجانب الخبراء الهنود. وأضاف أن الصناعة العسكرية تُعد قاطرة تكنولوجية ثقيلة تتطلب استثماراً كبيراً في البحث والتطوير، مستحضراً نموذج الصناعة التركية التي تطورت اعتماداً على شراكات مع شركات أجنبية قبل بلوغ مرحلة الاكتفاء الذاتي.
وبيّن المتحدث أن الإنتاج المحلي يُلبي التحديات العملياتية الفريدة للقوات المسلحة الملكية، خاصة في ظل التنوع الجغرافي للمغرب، وهو ما يتيح تطوير نماذج مُكيّفة مع الواقع الميداني والاحتياجات التكتيكية المغربية، كما يفتح آفاقاً تصديرية واعدة نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء.
وحول مستقبل الصناعة الدفاعية في المغرب، رجّح دردابي أن يشمل التطوير إنتاج الطائرات المسيّرة محلياً، مع تكرار نموذج الشراكات الاستراتيجية عبر انتقال التكنولوجيا، خصوصاً في ظل الطلب المتزايد على هذا النوع من المعدات في فضاء الساحل وإفريقيا، مما سيعزز السيادة والاستقلالية الاستراتيجية للمملكة.
وختم بأن المغرب، برؤيته لبناء صناعة عسكرية متطورة، لا يسعى فقط لتلبية جزء من احتياجاته الدفاعية محلياً، وإنما يهدف أيضاً للارتقاء بمكانته كلاعب إقليمي مؤثر وقادر على مواجهة التحديات والمتغيرات الجيوسياسية بكفاءة واستقلالية متزايدة.
