المغرب يقود مسيرة القنب الصناعي ويراهن على التحول الاقتصادي والاجتماعي

أضيف بتاريخ 07/19/2025
عبر جون افريك


تشهد المناطق الشمالية من المغرب تحوّلاً جذرياً بفعل تقنين زراعة القنب لأغراض صناعية وطبية، حيث تحولت هذه الفلاحة من نشاط غير شرعي إلى قطاع منظم يخضع لإشراف وكالة وطنية متخصصة. في ظرف عامين فقط، ارتفعت المساحات المزروعة بشكل قانوني إلى أكثر من 2000 هكتار، وارتفعت مداخيل المزارعين بشكل ملحوظ حتى خمسة أضعاف في بعض المناطق.

هذا المشروع، الذي انطلق رسمياً بعد اعتراف الأمم المتحدة بمزايا القنب الطبية والصناعية نهاية 2020، يستند على قانون 13.21 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2022. ويشمل القانون سلسلة من الإجراءات التنظيمية تشمل الاستيراد، وإنتاج البذور، وتوزيع المنتجات، وتصديرها نحو الخارج طبقاً لمعايير دقيقة من حيث نسبة الـ THC وسلامة المنتَج.

تقتصر الزراعات القانونية حالياً على ثلاث محافظات تاريخية (شفشاون، الحسيمة وتاونات)، مع حظر أي توسع خارج الإطار المحدد، حماية للتوازن البيئي والاجتماعي في المنطقة. لعلّ من أبرز معايير الحصول على رخصة الزراعة ضرورة إثبات الإقامة المحلية والانخراط في تعاونية تربطها عقود محددة مع شركات صناعية معتمدة، لتجاوز عراقيل السوق السوداء وضمان حماية صغار المنتجين وتحسين شروط تفاوضهم.

الرؤية المغربية الجديدة تركز بقوة على التتبع الرقمي وإجراءات الرقابة — من تسجيل كل مرحلة إنتاج، إلى استخدام الدرون لتتبع الحقول، وحتى تتبع حركة نقل المنتجات بأنظمة GPS. المنتجات تخضع لمراقبة صارمة على صعيد نسبة THC، فيما تخصص المنتجات الغذائية ومستحضرات التجميل لنسب تكاد تكون معدومة.

اقتصادياً، تحقق منتجات القنب المغربي قيمة مضافة عالية مقارنة بالسوق التقليدية: يكاد سعر الكيلوغرام الواحد يتضاعف عشرة أضعاف عما كان عليه في السوق غير النظامية، فيما توفر كل هكتار سبع وظائف دائمة للمجتمع القروي، وتسهم في دفع النساء والشباب للاندماج في القطاع كفاعلين شرعيين.

مع ذلك، تظل الاستعمالات الترفيهية للقنب ممنوعة بشكل كامل خارج المسار الصناعي أو الطبي، وهو ما تعتبره السلطات ركيزة استراتيجية للحفاظ على المصداقية وضمان عدم الانزلاق نحو الفوضى أو الاتجار غير المشروع.

النموذج المغربي أصبح مرجعية إقليمية في ربط مصالح الفلاح الصغير بالتنمية المحلية والتصدير، مع احترام صارم للمعايير الدولية، ما يعزز صورة المملكة كدولة رائدة في التدبير الذكي لمخزونها الزراعي والبيئي وتوظيفه في خدمة الاقتصاد والعدالة الاجتماعية.