الجذر التربيعي: كيف ابتكر عالم رياضيات مغربي رمزاً غيّر وجه العلوم؟

أضيف بتاريخ 04/13/2025
مدونة المغرب

يعود الفضل في ابتكار أول رمز للجذر التربيعي إلى العالم المغربي أبي محمد عبد الله بن محمد بن حجاج الأدريني، المعروف بابن الياسمين، الذي ولد في مدينة فاس خلال القرن الثاني عشر الميلادي. وهو من أصول أمازيغية، ينتمي إلى قبيلة بني حجاج، وكان ذا بشرة سمراء ورثها عن والدته.



برع ابن الياسمين في علوم متعددة، وعُرف بين معاصريه أولاً كفقيه وموثق، ثم كعالم رياضيات متبحر في المنطق والهندسة والفلك والتنجيم، مع تركيز خاص على الحساب. كما كان شاعراً موهوباً، اشتهر بموشحاته التي نالت إعجاب معاصريه.

تلقى تعليمه العالي في المغرب الأقصى وإشبيلية، حيث درس الرياضيات على يد أبي عبد الله بن قاسم. حظي بمكانة مرموقة في بلاط الخليفتين الموحديين يعقوب المنصور (1184-1199) ومحمد الناصر (1199-1213)، وكان مقرباً بشكل خاص من الأول، حيث رافقه في رحلاته.

في مجال الرياضيات، ابتكر ابن الياسمين أول رمز خاص للجذور في تاريخ الرياضيات، مستخدماً حرف "الجيم" (ج) المشتق من كلمة "جذر" (جَذْر) العربية. وفي مؤلفه "أرجوزة في الجذور"، طوّر طريقة مبتكرة لتمثيل العمليات الحسابية المعقدة، حيث كان يضع حرف الجيم فوق الأعداد للإشارة إلى ضرورة استخراج جذرها التربيعي.

استمر استخدام هذا الرمز في المغرب العربي حتى نهاية القرن الثاني عشر، قبل أن يتطور إلى شكل جديد في أوروبا. فقد قدم كريستوف رودولف الرمز المعروف حالياً (√) في كتابه "دي كوس" عام 1525م. ويرى بعض المؤرخين أن هذا الرمز قد يكون مستوحى من الحرف اللاتيني "r" من كلمة "radix" اللاتينية، بينما يعتقد آخرون أنه تأثر بالرمز العربي الأصلي.

وفي عام 1637م، أضاف الفيلسوف والرياضي الفرنسي رينيه ديكارت تحسيناً مهماً على هذا الرمز بإضافة الخط الأفقي فوق الرقم، وهو الشكل الذي نستخدمه حتى يومنا هذا.

انتهت حياة هذا العالم الفذ بشكل مأساوي عام 1204م، حيث لقي حتفه مقتولاً على عتبة منزله في مراكش. لكن إرثه العلمي ظل حياً، حيث يمثل تطور رمز الجذر التربيعي مثالاً حياً على التبادل المعرفي بين الحضارتين الإسلامية والأوروبية.